/> EL-mastaba / المصطبه

Translate

Blog Archive

Thursday, July 11

رمضان


اول يوم رمضان , زحمة المواصلات , مذكرات







أبدأ يومي أول يوم رمضان بشعور كأني لم أنام، الاستيقاظ ساعة السحور بتفرق والله .
المهم النهاردة أول يوم رمضان و الواحد لازم يبدأ صفحة جديدة مع ربنا. أرتدي ملابسي و أذهب إلى الشغل. ييييه . النهاردة الأربعاء يعني زحمة بدون سبب كأن الناس بتكتشف فجأة اننا في آخر الأسبوع و لازم تلحق تقضي مصالحها و تشتغل شغلها اليوم ده قبل ما الأسبوع يخلص بيوم واحد.

 لكن اليوم الناس شكلها مختلف لأنه أول يوم رمضان ، كلهم تقريبا يقلدونني، وأخدوا مصاحفهم و سبحهم لقضاء الوقت في ذكر الله ، بدل النميمة و الغيبة و الخناقات.

لكن هل يمكن التخلي عن أشياء مهمة في حياتنا مثل المشاحنات والنميمة بهذه السهولة!

العجيب أن هناك جملة توارثتها الأجيال في مصر بلا سبب واضح أو مفهوم و يرددها الجميع، وهي : "الشعب المصري متدين بطبيعته". مع ان من السهل جدا انك تجد ألف دليل ينفيها، يكفيك المشى في الشارع و ورؤية تدافع الناس في القاهرة على البيع والشراء و على أماكن انتظار السيارات .. حتى الانتظار في البيت في بيتك ومشاهدة نشرة الأخبار أو برنامج توك شو .. كلها أشياء كفيلة بإثبات أن الدين ليس أولوية..

بدون فلسلفة ........ الصبح أركب الميكروباص، "كل دي زحمة !!" .. فليبدأ الصراع المحتوم علي كرسي متهالك في عربة ميكروباص تكاد تسقط أرضا.

و بما ان توازنات القوى على الأرض الآن تبشر بهزيمتي هزيمة منكرة في سباق البحث عن مقعد .. اتفرج أحسن لحد ما ربنا يفرجها و يجي ميكروباص آخر.

 رجل في بدايات العقد الرابع من عمره يظهر طرف المصحف من جيب قميصه بوضوح  و يلف السبحة حول معصمه يدفع كل من أمامه حتى يصل إلى عمله في موعده و لا يخصم من راتبه شيئا في هذه الأيام المفترجة.

 و لا مانع من أن يدفع من أمامه حتى يسبق من يقف إلي جانبه ، و لا مانع أيضا من أن يستغل خجل تلك الفتاة ليأخذ مقعدها و لتتنظر هي الميكروباص اللي بعده ، حتى و إن كان يرى بأم عينيه التي يقرأ بها في مصحفه أن هناك من يتحرش بها خارج الميكروباص و أن هروبها منه إلى داخل هذه السيارة هو الحل الأمثل. المهم أنه أقنع نفسه أنه لم ير شيئا... و لا ذنب عليه. و يعود ليتمتم بصوت مسموع : اللهم إني صايم..

و تحدث المعجزة الإلهية !! أحدهم  يكتشف أنه ركب السيارة الخطأ وأن معركته ضاعت هباءا فيقفز من مكانه على الفور… و يغلق الميكروباص بابه و يستعد للانطلاق ، و نبدأ جميعا في فتح مصاحفنا لنتلوا الآيات الكريمة بأصوات غير خافتة ، و كأن صراعا لم يكن قبل قليل بين هؤلاء المؤمنين. و يصبح الميكروباص كله عبارة عن لوحة رمضانية بديعة. !

و حتى تكتمل الصورة المؤثرة يظهر السائق ليقول هو الآخر بدوره … انا هنا .. معكم في رمضان  .. فيفتح صوت الراديو على آخره على إذاعة القرآن الكريم بدلا من الأغاني الشعبية التي تجعله يتراقص على الطريق .

وطبعا هذا لا يصح في رمضان. لكن ، إذا "كسر" عليه الطريق سائق آخر أو حاول سباقه ، لا مانع من أن يسمعه من أقذع الشتائم بالأب و الأم و الدين و الملة طالما أنه بعدها سيقول " ليه كده بس عالصبح … اللهم إني صايم".


لكن ، و رغم انه أول يوم رمضان ، لم يتمالك السائق أعصابه و لم يكتف بـ  "اللهم إني صايم"، و نزل في اشتباك بالأيدي مع السائق الآخر .. الأمر استغرق أكثر من ٢٠ دقيقة. فما العمل ؟! إما البحث عن ميكروباص آخر أو محاولة التهدئة (ما يصحش كده .. ده احنا في أول يوم رمضان).

وبعد عناء لا يوصف ، أصل إلي عملي مدفوعة بتلاحم مسيرة المواطنين اليومية عبر شوارع القاهرة المحروسة في مثل هذه الساعة كل يوم. و كالعادة ، أصل متأخرة لأسمع كلاما ثقيلا من رئيس ثقيل يرفع رأسه عن المصحف فجأة حين يراني و كأنه كان يمسك به كوسيلة للتنكر يخدع بها المتأخرين عن العمل أمثالي  ليلقي القبض عليهم بمجرد دخولهم إلي المكتب … لكن ما المشكلة … رمضان عنده الحل ..فالرد المعهود في مثل هذه الحالات يكون بابتسامة مصطنعة القصد منها التوبيخ لا التهنئة : كل سنة و انت طيب يا ريس النهاردة أول يوم رمضان.

No comments:

Post a Comment